دور الشيخ زايد في تعزيز الهوية الإماراتية عبر التراث والثقافة والتعليم

دور الشيخ زايد في تعزيز الهوية الإماراتية عبر التراث والثقافة والتعليم

يُعدّ المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان شخصية محورية في بناء دولة الإمارات وإرساء أسس هويتها الوطنية الحديثة. فقد أدرك، منذ البدايات، أن أي نهضة حقيقية لا يمكن أن تتحقق دون الحفاظ على التراث، وترسيخ الثقافة، والاهتمام بالتعليم، لأنها تمثل الجذور التي ينطلق منها الإنسان ويستمد منها قيمه وانتماءه. ولهذا جاءت سياساته ومبادراته شاملة ومتوازنة، تجمع بين الأصالة والمعاصرة وتربط الماضي بالحاضر والمستقبل.

كان الشيخ زايد شديد الحرص على صون التراث الإماراتي بجميع أشكاله، المادي وغير المادي؛ فاهتم بالبيئة الطبيعية، وبالتراث البحري والبدوي، وبالعادات والتقاليد الشعبية، وأسّس المهرجانات والأنشطة التي تعزز ارتباط الأجيال بجذورهم. وقد ساهم هذا الاهتمام في ترسيخ شعور الانتماء لدى المواطنين، إذ أصبح التراث جزءًا حيًا من الحياة اليومية وليس مجرد تاريخ محفوظ في الكتب. كما أن الشيخ زايد كان يرى في التراث ركيزة أساسية لهوية الإنسان الإماراتي، لذلك حرص على دمجه في التعليم وفي البرامج المجتمعية لتعزيز فهم الشباب لأصالتهم وهويتهم الوطنية.

أما على مستوى الثقافة، فقد ركّز الشيخ زايد على جعلها عنصرًا أساسيًا في بناء المجتمع. فأنشأ المؤسسات الثقافية، وشجع على الفنون والآداب، ودعم المبادرات التي تُعرّف العالم بالهوية الإماراتية وبقيم التسامح والانفتاح. وقد أسهم هذا الدور الثقافي في تعزيز الصورة الإيجابية للدولة، وفي جعل الثقافة جسرًا يربط بين المجتمع الإماراتي والشعوب الأخرى. كذلك حرص على نشر ثقافة الحوار والمعرفة، مؤمنًا بأن الثقافة ليست مجرد ترف، بل أداة لتطوير المجتمع وبناء الإنسان القادر على مواجهة تحديات المستقبل.

وفي مجال التعليم، كان الشيخ زايد يرى أن الإنسان هو الثروة الحقيقية. لذلك أولى التعليم اهتمامًا كبيرًا، فأسس المدارس والجامعات، ووفّر البعثات الخارجية، وحرص على تطوير المناهج بما يواكب العصر ويحافظ على الهوية. لقد ساهمت هذه الجهود في بناء جيل واثق من نفسه، قادر على التطور، ومتمسك بقيمه الوطنية. كما كان يشجع على التعليم الفني والتقني بجانب التعليم الأكاديمي، لضمان تطوير مهارات عملية تلبي احتياجات المجتمع والاقتصاد الحديث.

إن العلاقة بين التراث والثقافة والتعليم في رؤية الشيخ زايد علاقة متكاملة، تهدف إلى تشكيل هوية إماراتية قوية ومتوازنة. فقد استطاع، بحكمته، أن يجعل الهوية الوطنية مشروعًا مستدامًا ينتقل من جيل إلى جيل. واليوم، نرى أثر هذه الرؤية واضحًا في المجتمع الإماراتي الذي يجمع بين الاعتزاز بالماضي والقدرة على التقدم بخطى ثابتة نحو المستقبل، حيث يواصل المواطنون والمقيمون العيش في بيئة تعكس قيم الاتحاد والاحترام والتطور المستدام.

359 كلمة